تركيا وصعود القوة الصاروخية: من القذائف القصيرة إلى الباليستيات بعيدة المدى
في العقود القليلة الماضية، قطعت تركيا أشواطًا هائلة في تطوير قدراتها الصاروخية، متحولة من دولة مستوردة إلى لاعب إقليمي يمتلك منظومات صاروخية باليستية متطورة. هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة استثمارات استراتيجية في البحث والتطوير العسكري، وتعاون تكنولوجي مدروس، خصوصًا مع الصين في تسعينيات القرن الماضي.
اليوم، تُعد تركيا واحدة من دولتين فقط داخل حلف الناتو – إلى جانب الولايات المتحدة – تمتلكان قدرات تصنيع صواريخ باليستية تكتيكية، في خطوة تعكس مدى نضج صناعتها الدفاعية وتوسع طموحاتها الجيوسياسية.
صواريخ “ER300″ و”تايفون”: رموز التفوق التركي الجديد في سلاح الصواريخ
صاروخ ER300 – فئة جديدة من الصواريخ الباليستية المطلقة جواً
يُمثل صاروخ ER300 أحد أبرز إنجازات الصناعات الدفاعية التركية الحديثة. تم تصميم هذا الصاروخ ليُطلق من الجو، ما يمنح سلاح الجو التركي مرونة استراتيجية وضربات دقيقة في العمق. يتميز الصاروخ بسرعته الفرط صوتية ومدى يتجاوز 500 كيلومتر، علماً أن المدى يتأثر بعدة عوامل بينها سرعة المقاتلة وارتفاع تحليقها لحظة الإطلاق.
الوزن الإجمالي: 900 كغم
وزن الرأس الحربي: 150 كغم
أنظمة التوجيه: تعتمد على القصور الذاتي، الملاحة عبر الأقمار الصناعية، والتوجيه البصري باستخدام باحث تلفزيوني (TV).
منصات الإطلاق: مقاتلات F-16 قادرة على حمل صاروخين، بينما طائرات بيرقدار “أقينجي” قادرة على حمل صاروخ واحد.

هذا الصاروخ يوسع نطاق العمليات الجوية التركية ويوفر قدرة على ضرب أهداف استراتيجية دون الحاجة لاختراق دفاعات العدو.
صاروخ تايفون – الجيل الرابع من الصواريخ الباليستية التركية
صاروخ “تايفون – البلوك الرابع” هو أحدث ما كشفت عنه تركيا في سلسلة تطورها الصاروخي. ويُعد أطول صاروخ باليستي تركي من حيث المدى حتى الآن، حيث يصل إلى 800 كيلومتر، ما يجعله ضمن فئة الصواريخ المتوسطة المدى.
الوزن الكلي: 7.2 طن
وزن الرأس الحربي: يتراوح بين 700 إلى 900 كغم
أنظمة التوجيه: تعتمد على القصور الذاتي والملاحة بالأقمار الصناعية
نظام الإطلاق: يتم إطلاقه من مركبات متخصصة قادرة على حمل صاروخين
هذا الصاروخ هو تتويج لعقود من البحث والتطوير بدأت في أواخر التسعينيات عندما حصلت تركيا على تكنولوجيا صاروخ B-611 الصيني، مقابل أكثر من 300 مليون دولار. تلك التكنولوجيا مهدت الطريق لصاروخ J-600T، أول صاروخ باليستي تركي الصنع بمدى 150 كيلومتر، والذي دخل الخدمة في 2001 وتم الكشف عنه رسميًا في 2007.

منذ ذلك الحين، تسارعت وتيرة التطوير، لتشمل نسخًا متعددة بأنظمة توجيه ومديات مختلفة، وصولاً إلى “تايفون” الرابع. ووفقًا لتصريحات رسمية، فإن تركيا تطمح للوصول إلى صواريخ محلية بمدى 2000 كيلومتر، ما سينقلها إلى نادي الدول القليلة التي تمتلك صواريخ باليستية طويلة المدى.
تركيا تصنع لنفسها مظلة ردع مستقلة
إن تطور القدرات الصاروخية التركية لا يقتصر على زيادة المدى أو الحمولة فقط، بل يشمل أيضًا التكامل مع أنظمة الاستشعار الحديثة والطائرات القتالية، مما يمنح أنقرة أداة ردع مرنة وفعّالة. ومع استمرار تركيا في تطوير منظومات محلية الصنع، يبدو أن طموحها لبناء قوة عسكرية مستقلة عن الغرب بات أكثر واقعية من أي وقت مضى.
![]()
