
تُعدّ الصين اليوم من الدول الرائدة عالميًا في تطوير منظومات الإنذار المبكر المحمولة جوا ، والتي تمثل أحد أعمدة مفهوم السيطرة الجوية والتحكم التكتيكي بعيد المدى. وفي هذا الإطار، تبرز طائرتا “KJ-500″ و “KJ-600″ بوصفهما تجسيدًا لجهود الصين في بناء قدرات دفاع جوي وبحري متكاملة تعزز استراتيجيتها ، وتمكنها في الوقت نفسه من بسط نفوذها البحري في المياه الزرقاء.
أولا : KJ-500

تمثل “KJ-500″ الجيل المطور من طائرات الإنذار المبكر الصينية العاملة على البر ، حيث اعتمدت في هيكلها الأساسي على طائرة النقل “Y-9” الصينية. زُوّدت هذه الطائرة بمنظومة رادار ثابت من نوع AESA داخل قبة دائرية ، تضم ثلاث مصفوفات نشطة تغطي مجال قدره 360 درجة ، ما يتيح لها تعقب الأهداف الجوية بكفاءة عالية حتى مدى يُقدّر بنحو 470 الى 500 كيلومتر.
يضم طاقم تشغيلها نحو 10 أفراد ، مما يمكنها من إدارة عمليات قيادة وتحكم (C2) مع طائرات مقاتلة مثل “J-10C” و “J-16” ، إضافة إلى توجيه أنظمة الدفاع الجوي الأرضية. وبفضل حمولتها الكبيرة وسعة وقودها ، يمكن لهذه الطائرة التحليق لما يقارب 12 ساعة متواصلة وبمدى يصل إلى 5,500 كيلومتر.
ثانيا : KJ-600

أما “KJ-600″ فهي بمثابة قفزة نوعية في قدرات الصين البحرية، إذ تُعد أول طائرة إنذار مبكر مصممة خصيصًا للعمل من على متن حاملات الطائرات. تم الكشف عن تطويرها عبر صور أقمار صناعية وتقارير استخباراتية مفتوحة المصدر. مزود بمحركين توربينيين مروحيين وخطاف ذيل Tailhook لإمكانية الهبوط على سطح الحاملة، مع قبة رادارية دوّارة تحاكي في تصميمها طائرة “E-2D Hawkeye” الأمريكية.
تُقدّر قدرتها على كشف الأهداف الجوية في حدود 400 الى 450 كيلومتر، ويضم طاقمها ما بين 5 و 6 أفراد تشغيل، بمدى طيران يصل إلى 3,000 كيلومتر تقريبًا وبزمن تحليق قد يصل إلى 5 ساعات، وهو مدى مناسب للعمليات البحرية بعيدة المدى. ومن أبرز مميزاتها أنها صُممت لتتوافق مع أنظمة الإقلاع بمنجنيق كهرومغناطيسي (EMALS) الذي زوّدت به حاملات الطائرات الصينية الأحدث من طراز “Fujian (Type 003)” الجديدة.
مقارنة مباشرة: المهام والاختلافات
رغم التشابه في جوهر المهمة — وهي توفير وعي قتالي واسع النطاق والسيطرة على المجال الجوي — إلا أن “KJ-500” و “KJ-600” تختلفان في الأدوار التشغيلية والمنصات التي تخدمانها. حيث تُعد “KJ-500” منصة برية بقدرة تحليق طويلة المدى، تدعم عمليات القوات الجوية فوق اليابسة والمناطق الساحلية ، بينما تخدم “KJ-600” البحرية الصينية وتُعد مكونًا أساسيًا لمجموعات القتال المحمولة على حاملات الطائرات، لتأمين تغطية رادارية أبعد من مدى رادارات السفن.
أهمية استراتيجية تتجاوز الحدود
يعكس تطوير الطائرتين معًا إصرار الصين على بناء قوة جوية وبحرية متكاملة لا تعتمد فقط على التفوق العددي بل على مضاعِفات القوة التقنية (Force Multipliers). فتوسيع مظلة الإنذار المبكر إلى المياه الزرقاء يرفع من قدرة حاملات الطائرات الصينية على العمل بعيدًا عن السواحل مع حماية ذاتية متقدمة ومستوى من الوعي القتالي مماثل تقريبًا لما توفره طائرة “E-2D Hawkeye” الأمريكية للأسطول الأمريكي.

تحديات قادمة ومسارات تطوير محتملة
رغم أن “KJ-500” أثبتت جاهزيتها التشغيلية على مدى السنوات الماضية، إلا أن هناك تقارير عن احتمالية تطويرها بمستشعرات أكثر قوة وقدرات أفضل في الحرب الإلكترونية. أما “KJ-600” فما تزال في مراحل الاختبارات ، ويُعد نجاح تكاملها مع حاملة “Fujian” وتجهيز طواقم مدربة عليها الا أنه يحتاج إلى استثمارات هائلة في الجوانب التقنية والبشرية.